زراعة البن.. رحلة الخمس سنوات لفنجال القهوة

تبدأ أنشطة القطف اليدوي للقهوة مع بداية شروق شمس شهر سبتمبر، حيث يبدأ العاملون بانتقاء ثمار البن الأكثر نضجاً من كل غصن وجمعها في دلو. عملية مرهقة ودقيقة، يجب أن تتم بأسرع ما يمكن، دون أن يسقط في هذا الدلو أوراق شجرة البن، أو ثمار غير مكتملة النضج.

تمثل عملية الانتقاء هذه أحد الشروط الهامة للحصول على البن المثالي.

وتتشكل ثمرة البن على شكل، كرزة من بذرتين، تحيط بهما طبقات رقيقة واقية، وتتحول هذه الثمار من الخضرة إلى الحمرة، خلال بضعة أشهر، معلنةً بذلك وصولها إلى مرحلة النضج المناسبة للقطف. (ما عدا بعض السلالات تصبح صفراء اللون في مرحلة النضج).

وللحفاظ على معايير عالية الجودة، يتطلب الأمر تكرار عملية القطف مع نضوج الدفعات جديدة من ثمار القهوة.

وتمثل الآلة حلاً اقتصادياً وسريعاً لحصاد البن ذي الجودة الأقل، لكن الجمع الآلي للمحصول لا يفرق بين الثمرة الناضجة وغير الناضجة، وقد يجمع الفروع والأوراق والأغصان المكسورة.

وتكون النتيجة بن رديء الجودة، نكهته غير جذابة، وغالباً ما يستعمل في التوليفات الرخيصة.

وعلى صعيدٍ أخر، لا يتحمل محصول بن أرابيكا القطف الآلي، لذلك يتم جمعه يدوياً، للحصول على أفضل النتائج، وضمان المذاق المتميز للقهوة.

وبشكلً عام، لا تعد هذه المرحلة هي الأصعب في عملية زراعة القهوة، بل يسبقها فترة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات من الجهد المتواصل والعناية المستمرة بأشجار القهوة، دون أي مردود مادي، وغالباً ما تبدأ هذه الفترة في شهر مارس وتنتهي في شهر سبتمبر.

يبذل المزارعون طوال هذه الفترة، الجهد والوقت والمال، للوصول إلى موسم الحصاد، ومن اللافت أنه لا يمكن ضمان حال بورصات القهوة في تلك الفترة، ولا تستطيع التكهن بسعر البن بعد ثلاث سنوات من زراعته، فقد تكلف عملية الزراعة في بعض الأحيان أكثر من العائد المادي منها، الأمر الذي دفع بعض المزارعين للعزوف عن زراعة البن.

وعلى كل حال، تبدأ هذه العملية باختيار البذور ذات الجودة العالية، إما أن تكون أربيكا أو روبوستا أو هجين بين أكثر من نوع من بذور القهوة.

أين تنمو شجرة البن؟

وتبدأ المرحلة الثانية باختيار المواقع المناسب لبدء الزراعة،
حيث يبحث المزارعون عن المواقع التي تتوفر بها التربة الغنية، والماء الوفير، والمناخ المعتدل، كي لا يتضرر الزرع، بسبب تقلبات الطقس والأمطار والتربة الملوثة.

وتختلف عملية غرس البذور وفقاً لطقس المنطقة، فإذا كان الطقس ماطراً، تتم زراعة القهوة في مساكب مظللة وتنقل بعد عام أو 18 شهراً لتغرس في المزرعة، وفي أول 6 أشهر، تحتاج شتلات البن إلى التربة الرطبة والظل التام.

ثم يحين دور عملية التعشيب، وتتم من مرة إلى 3 مرات سنوياً، ويجب تعشيب البن بانتظام من خلال إزالة الحشائش والأعشاب الضارة، وذلك لمنافستها للأشجار على امتصاص الماء، والعناصر الغذائية والمتوفرة في التربة، بالإضافة إلى كونها مأوى للقوارض والحشرات الضارة.

وتضاف الأسمدة الكيميائية عادةً أثناء مراحل النمو المفصلية، وبالتحديد قبل جمع المحصول مباشرة، وتتم هذه العملية بحد اقصى 3 مرات سنويا، والجدير بالذكر أن هذه العملية غير ملزمة ، إذا كانت بذور البن ذات جودة عالية، وجميع ظروف الزراعة جيدة.

ثم تأتي مرحلة التقليم، لإزالة الفروع المتضررة والمكسورة، لتمكن الشجرة من النمو بشكل سليم.

وأخيراً تأتي مرحلة التقليم الجائر، تتم هذه العملية كل 8 سنوات،
هي عبارة عن تقليم غصن كامل أو جزء كبير منه، وتحتاج السلالات المهجنة إلى تقليم جائر دوري لزيادة عمر الشجرة وزيادة الانتاج.

ويذكر أنه كل 25 عام أو 35 عام، تحتاج السلالات المهجنة إلى تجديد البذور وتتم هذه العملية في حالة إصابة نباتات القهوة بضرر، ولا تحتاج السلالات الأصلية تجديد غرسها إذا كانت مزروعة في الظل.

إن كل خطوة من الخطوات السابقة، تتطلب اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وتنفيذه بالطريقة الملائمة، كي تصل القهوة إلى عشاقها بالمذاق الغني، فزراعة القهوة فن يتطلب الكثير من الخبرة والمجهود.

Leave a comment